موضوع: وصف كتاب كليلة ودمنة وصف الإثنين أبريل 28, 2008 5:16 pm
كليلــة ودمنــة
وهو كتاب ألـّفه الفيلسوف الهندي (بيدبا) للملك (دبشليم)، ويحوي قصصاً للحكمة على لسان الحيوانات.
ففي أوائل القرن السادس الميلادي أرسل الملك الفارسي مُحب الحكمة (كسرى أنوشروان) الطبيب الفارسي (برذويه) ليقوم بنقل الكتاب من الهندية إلى الفهلوية (الفارسية القديمة).
ثم في منتصف القرن الثاني الهجري نقله (ابن المقفـّع) إلى اللغة العربية.
ويشاء الله أن تكتسب النسخة العربية أهميةً عالميةً بعد فقد الأصل الهندي واختفاء الترجمة الفارسية.. وكأنما حمـّلت النسخة العربية مسؤولية الحفاظ على هذا الكتاب وتقديمه إلى طلاب المعرفة ومتذوقي الفن القصصي.. وعلماء الأخلاق والسياسة عبر العصور.
وتمر السنون فإذا الناس لا يذكرون إلا (ابن المقفـّع) ناسبين إليه (كليلة ودمنة)، والحق أنه إذا كان هذا الكتاب يحمل ملامح ثلاث حضارات هي (الهندية) و (الفارسية) و (العربية).. فان بصمات (ابن المقفـّع) تبدو واضحة جلية فيه.. وتجعله مثلاً يُحتذى تتراءى لنا من خلاله مدرسة (ابن المقفـّع) وطريقته المبدعة في النثر الفني.
وقد قال قائل.. (إن كتاب كليلة ودمنة قضية حاضرة ما دامت أخلاق الأفراد، وسلوك الجماعات، وعلاقات القوى الفاعلة في أي تكوين بشري موضع درس وتحليل من الفلاسفة وعلماء الاجتماع والنفسانيين)
ومما يميز الكتاب عن غيره انه وضع لمستويات ثلاثة…
·فالبسطاء وهواة التسلية يجدون فيه الجانب الترفيهي.
·والحكماء فيختارونه لحكمته... ليستخلصوا منه دوافع السلوك وأسرار النفس، وآداب الحياة الاجتماعية بين طوائف الشعب المختلفة.
·وهناك المستوى الثالث وهم المتعلمون.. فإنهم يجدون فيه المعلومات الكثيرة، وتروقهم لغته الصافية وأسلوبه البلاغي المتين.
أما قصة تأليف هذا الكتاب فتبدأ بغزو (الإسكندر) بلاد الهند وثورة الشعب عليه، والتي أدت بالتالي إلى تولي الملك (دبشليم) العرش.. وقد كان مغروراً ظالماً.. مما دفع الفيلسوف (بيدبا) إلى نصحه...فسجنه.. لكنه ندم فيما بعد فأطلق سراح الفيلسوف، وقرّبه إليه وجعله وزيراً له.. يستشيره في كل الأمور. ويطلب منه أن يضع خبرته ونصائحه في كتاب.. فكان هو هذا الكتاب الذي يرمي إلى إصلاح الأخلاق وتهذيب العقول...وكل ذلك على لسان (كليلة ودمنة) وهما حيوانان من فصيلة القرود.
والحديث على لسان الحيوانات ليس إلا مِن قبيل الأدب الرمزي.